اليوم حنحكي عن مرض نفسي خطير هو مرض فصام الشخصية
الفصام (الشيزوفيرينا) Schizophrenia هو مرض دماغي نفسي مزمن يصيب عدداً من وظائف العقل:
·التفكير: حيث يفقد المريض القدرة على التفكير بشكل واضح ومنطقي ومترابط. كما يؤدي إلى اقتناعه بأفكار غير صحيحة اقتناعاً تاما. وقد يحمل معتقدات غريبة مثل تحكم كائن من الفضاء بأفعاله وتحركاته أو أن الآخرين يستطيعون قراءة أفكاره وزرع أفكار جديدة في عقله أوغير ذلك.
· المشاعر: حيث يقل تفاعله مع الآخرين عاطفياً, ومع الأحداث أيضاً كأن يذكر لك موت والده بكل هدوء ودون أي انفعال.أو تصبح مشاعره غير متناسبة مع الموقف الحالي كأن يضحك عند سماع خبر محزن أو يحزن في مواقف سارة.
· الإدراك: حيث يبدأ المريض بسماع أصوات أو رؤية أشياء غير موجودة على أرض الواقع. وهي ليست أفكار في البال وإنما سماع حقيقي, كأن يسمع من يتحدث إليه معلقاً على أفكاره وأفعاله أو متهجماً عليه أو موجهاً له الأوامر أو غير ذلك. وقد يكون المتحدث شخصاً واحداً أو مجموعة من الأشخاص يتحدثون فيما بينهم عن المريض. وهذا ما يفسر ملاحظة الآخرين لحديث المريض وحده إذ هو -في الواقع- يتحدث إلى هذه الأصوات. كما يمكن أن يرى أشياء مختلفة وغير حقيقية.
·السلوك: حيث يقوم المريض بسلوكيات غريبة مثل اتخاذ أوضاع غريبة أو تغيير تعابير وجهه بشكل دائم أو القيام بحركة لا معنى لها بشكل متكرر أو السلبية الكاملة وبشكل متواصل (القيام بكل ما يؤمر به وكأنه بلا إرادة).
·الأعراض السلبية: يظهر المريض انعزالاً عن الآخرين وإهمالاً في العناية بنفسه وبنظافته الشخصية, وفقدان الحيوية والاهتمام والرغبة في الدراسة أو العمل (دون أن يكون هناك حزن أو اكتئاب).
عادةً ما تبدأ أول أعراض المرض في سن المراهقة وأول سنين الرجولة ( أي تقريباً بين سن 15- 25 للرجال وسن 25- 35 للنساء).
كيف يشخص المرض؟
1-الاعتراف بالاعتقادات الخاطئة (الضلالات).كرؤية الجن او الشياطين والتحدث معهم.
2- وجود الهلاوس.
3-اضطراب في الحديث.
4-اضطراب في السلوك أو سلوك تخشبي.
5- فقدان الإرادة, قلة الكلام وعدم التفاعل العاطفي·
6- تدهور عام في وظائف المريض الاجتماعية والمهنية والعلاقات مع الآخرين وعدم الاهتمام بنفسه.
7- اضطراب شديد في المزاج.
8- الانعزال عن الناس وحب الوحدة والشك في الآخرين بشكل مبالغ فيه.
9-الإهمال في المظهر الخارجي والنظافة الشخصية.
10-كثرة الشكاوي والعلل الجسدية والتي لا يجد لها الأطباء تفسيراً.
11-حصول الوسواس القهري في عمر مبكر.
12-الضحكات غير المناسبة للموقف.
13- عدم القدرة على التعامل مع مشكلات بسيطة.
14-تدهور في الأداء المدرسي أو الجامعي او في العلاقات الاجتماعية.
15- الحديث عن إدراكه لأمور مستغربه مثل رؤيته لأشباح أو جن أو ما شابه ذلك.
16-عدم القدرة على التركيز والانتباه. صعوبة في التفكير الواضح.
17- عدم وضوح في الكلام بحيث يصعب فهم ما يريد أن يقول.
18-التعب العام والميل الكثير والمفرط إلى النوم.
ما هي أسباب الفصام؟
يجمع العلماء على أن الفصام مرض دماغي ناجم عن اختلال النظام البيولوجي (التكويني) فيه مثله مثل أي مرض عضوي آخر. حيث يعتقد أن هذا المرض نتيجة خلل في تطور الجهاز العصبي بمعنى أن خللاً حدث أثناء تطور الدماغ في السنوات الأولى. كان ذلك بسبب استعداد وراثي ورافقه أي أذية حدثت حول الولادة ومن ثم جاءت الضغوط النفسية المسببة للمرض.
1- العامل الوراثي:تلعب الوراثة دوراً هاماً في حدوث المرض. حيث ترتفع نسبة الإصابة من واحد بالمائة في عموم الناس إلى عشرة بالمائة إذا كان أحد أقرباء الشخص من الدرجة الأولى مصاباً (أخ أو أخت أو أب). وترتفع إلى ما يقارب الخمسين بالمائة لو كان للشخص توأم مماثل ومصاب بالمرض.
2-كيمياء الدماغ (تركيبته):حيث يعاني مرضى الفصام من اختلال توازن بعض النواقل العصبية في الدماغ مما يؤدي إلى ظهور هذا المرض ومن أهمها الدوبامين حيث يزيد إفرازه أو تزداد الحساسية له في المسافات بين الأعصاب في مناطق معينة من الدماغ. وهذا يؤدي بالمريض إلى سماع أصوات غير موجودة أو الاعتقاد ببعض الأفكار الغريبة وغير ذلك من الأعراض. وما إن يبدأ العلاج ويعود توازن هذه المواد الناقلة وخاصة الدوبامين إلى الوضع الطبيعي حتى تختفي معظم هذه الأعراض.
3-خلل في بنية الدماغ:إذ بينت الأبحاث الجديدة أن المرضى بالفصام لديهم خلل في بنية بعض أجزاء الدماغ. وعلى كلٍ هذا الخلل غير موجود في كل المرضى بل وجد نفس الخلل في أمراض نفسية أخرى, وعند بعض الطبيعيين من الناس.
4- استخدام المخدرات بكل انواعها: حيث كانت تعتبر من عوامل الخطورة التي تساعد على ظهور المرض. إلا أن دراسة تحليلية نشرت في مجلة الطب النفسي البريطانية منتصف العام 2004 تنادي باعتبار المخدرات "سبب" وليس مجرد عامل خطورة. وقد أعطى العلماء اعتباراً خاصاً لاستخدام الحشيش في سن مبكرة (حول سن الخمس عشرة سنة). ولهذا يجب أن نحمي أبناءنا من خطورة هذه المواد المضرة.
5-عوامل بيئية ونفسية:وجد أن بعض العوامل البيئية تساعد على نشوء الفصام مثل الإصابة بالتهابات فيروسية في الصغر, أو إصابة والدة المريض بالتهابات فيروسية أثناء الحمل, أو أي مضاعفات أثناء ولادة المريض, أو تعرض المريض لضغط نفسي كبير أو تربية المريض في بيت يسوده رأي أحد الوالدين دون اعتبار للآخرين وغير ذلك. ولكن يبدو أن هذه العوامل بذاتها لا تسبب الفصام وإنما هي عوامل خطيرة للحدوث.
هل الفصام مرض نادر؟
عُرف الفصام منذ آلاف السنين. وقد وجد علماء الآثار أوصافاً لبعض أعراض الفصام في بعض الوثائق التي ترجع إلى عصور قديمة جداً.
ما هي أقسام مرض الفصام؟
1-الفصام الضلالي(Paranoid):ويبدأ في سن متأخرة. حيث تظهر المعتقدات الخاطئة (الضلالات) بشكل واضح مثل: اعتقاد المريض أنه ملاحق من عصابة أو جهاز مخابرات دولي أو أن له مكانة خاصة بين المجتمع أو أنه الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) أو رسول مرسل أو معتقدات حول تغير أعضاء جسده وغير ذلك مترافقاً مع هلاوس مختلفة
2-الفصام غير المنتظم (Hebephrenic):وهو مرض يجمع معظم الأعراض السلبية التي ذكرناها سابقا من اعراض المرض. ويبدأ هذا النوع بشكل مبكر ويؤدي إلى تدهور كبير إذا أهمل علاجه.
3-الفصام الكتاتوني او الحركي (Catatonic):ويبدأ في سن متأخرة نسبياً ويظهر بأعراض اضطراب الحركة وهو عادةً ما يستجيب للعلاج بشكل جيد. ولكن لابد من الملاحظة أن (اضطرابات الحركة) قد تحدث في أمراض نفسية وعضوية أخرى. وهنا لابد من اخذ الحذر قبل تشخيص الفصام الكتاتوني.
4-الفصام البسيط (Simple):وهو من أصعب الأنواع تشخيصاً (عكس اسمه) حيث يظهر ببطء شديد وتدريجي إذ تتدهور الجوانب المتنوعة من نشاطات الإنسان وتبدو الأعراض السلبية واضحة في هذا النوع. فيفقد المريض الدافعية للعمل والتقدم فيه والطموح وتتدهور علاقاته الاجتماعية ويفضل الانعزال عن الناس كما يلاحظ عليه صعوبة التعبير عن الأفكار والتبلد العاطفي. وكما يلاحظ خلو هذا النوع من الأعراض الإيجابية كالهلاوس والمعتقدات الخاطئة.
5- الفصام المتبقي(Residual):وهي مرحلة تالية للمرحلة الحادة أي مرحلة مزمنة حيث تظهر العلامات السلبية مثل الانعزال والتبلد العاطفي والتفكير غير المنطقي وغير المترابط وظهور الهلاوس أو المعتقدات الخاطئة.
6-اكتئاب ما بعد الفصام:وهي نوبة اكتئابية تعقب الإصابة بالفصام مع وجود لبعض الأعراض الإيجابية أو السلبية.
عناصر الوقاية من الفصام في النقاط التالية:أولاً: الوقاية أثناء الحمل: الوقاية من نقص التغذية وضمان عدم التعرض للضغوط النفسية المتكررة أثناء الحمل. وضمان عد الاصابة بالسكر في فترة الحمل و ضما عدم التعرض للنزيف أثناء الولادة .
ثانياً: الابتعاد عن المخدرات وخاصة الحشيش أثناء فترة المراهقة والشباب:لقد أصبح من المسلم به أن استعمال المخدرات وخاصة الحشيش في سن المراهقة وخاصة حول عمر الخامسة عشرة يزيد احتمالية الإصابة بالفصام. ولقد أنجزت مجموعة من الدراسات التي شملت آلاف الشباب والتي خرجت بهذه الحقيقة. وللأسف فإن العلماء يتوقعون زيادة الإصابة بالفصام خلال العقد القادم بسبب الزيادة الهائلة لاستخدام الحشيش في العالم أجمع وخاصة بين حديثي السن.
ثالثاً: الوراثة تلعب دور هام في الإصابة بالفصام. ولذا كان من الحكمة أن يتجنب الشاب الذي له أقارب مرضى بالفصام من الدرجة الأولى الزواج من أسرة فيها مريض بالفصام.ويمكن معرفة ذلك بالفحص النفسي.
رابعا: العيش في أجواء أسرية مستقرة ومتوادة يقلل من الإصابة بالفصام. حيث تشير الدراسات أن تربية الأطفال ونموهم في بيئة خالية من الضغوطات والخلافات الأسرية المتكررة يقلل من حدوث الإصابة بالفصام لمن هو مؤهب له.
خامساً: نقص تناول الأطفال في السنة الأولى من حياتهم الكمية المطلوبة من فيتامين د قد يكون له علاقة بتطور الفصام.
س و ج حول الفصام:س: هل مريض الفصام لا أمل من شفائه:الفصام أحد الأمراض المزمنة والذي يحتاج إلى دواء طويل الأمد لعلاجه والمحافظة على مستوى مقبول من التحسن وضمان عدم تدهور الحالة. ويمكن أن نقارن الفصام بغيره من الأمراض المزمنة مثل مرض السكر والضغط والفشل الكلوي وغيره حيث يأخذ المريض الدواء بشكل منتظم ومدى الحياة حتى يمنع تدهور وضعه الصحي. ونرى بوضوح كيف تستقر حالته مع العلاج, ويتعب بدونه. وهذا تماماً ما ينطبق على الفصام. ولكن للأسف لم نسمع أحدا يحتج على تلك الأمراض ويتهمها أنها لا أمل من شفائها. بينما يوصم الفصام بأنه لا أمل من شفائه.وحتى بقايا المرض من أعراض سلبية يمكن مقارنتها ببقية الأمراض حيث لا يستطيع مريض الفشل الكلوي من تناول أي كمية من الطعام فهناك حدود لنوعية وكمية الأكل الذي يتناوله. هذا تماماً يشابه ما يحدث لمريض الفصام حيث تقل رغبته في الاختلاط بالناس ويقل كلامه واندفاعه للعمل ولكنه مع ذلك يعيش حياة مستقرة.
س:هل مريض فصام الشخصية له شخصيتين مختلفتين كما هو شائع:شاع بين الناس بشكل عالمي مسمى فصام الشخصية كتعبير عن مرض الفصام, وكأن المريض له شخصيتين متباينتين. وهي فكرة مغلوطة ابتدعها كتّاب المسلسلات والأفلام. ويعني أسم المـرض انفصام بين الأفكـار والعواطف والسلوك لدى المريض وليس فصاماً في الشخصية أو شخصيتين مختلفتين.في الواقع هناك مرض نفسي نادر جداً يصبح للمريض فيه شخصيتين مختلفتين أو أكثر. وهو اضطراب حميد ويكون بسبب الضغوط التي يتعرض لها المريض.
س:هل مريض الفصام لا يستطيع العمل أبداً:قضية عمل مريض الفصام تعتمد بشكل رئيسي على درجة شدة المرض ومدى استقرار الحالة المرضية. وبشكل عام يساعد العمل المريض على الاندماج في المجتمع وتقليل الانتكاسات.
س:هل الفصام ينتقل بالعدوى:هذه فكرة مغلوطة تماماً. فمرض الفصام مرض دماغي ناجم عن تغيرات في النواقل العصبية في مناطق معينة من الدماغ. ويتأثر بعوامل وراثية وتطورية ولا يمكن أن ينتقل بالعدوى بأي حال من الأحوال.
س:هل التربية السيئة هي التي تسبب الفصام:على الرغم من أن هذه الفكرة كانت سائدة في حقبة من الزمن وقد درست باستفاضة حيث وصل العلماء إلى أن التربية السيئة لا تسبب الفصام بشكل مباشر. بل ربما يؤثر اضطراب الجو الأسري وكثرة الضغوط على حدوث المرض لمن هم مؤهبين للإصابة بالفصام.