قصة المرحوم ناظم ابن البلدة قصة مؤلمة تختصر معاناة الشعب الفلسطيني
كلنا نعرف دار صالح العلي القب في بلدتنا عائلة كريمة مثلها كباقي العائلات في البلدة اصيلة بكل المعاني فلسطينية الانتماء
رحل فهمي ابنهم الكبير شقيق عطية ورسمي إلى لبنان وهناك اقام في مخيم شاتيلا هو وزوجته وابناؤه الثلاثة وابنته الوحيدة ..ينتظرون ساعة التحرير ...انه العام 1982 حيث اجتاحت القوات الاسرائيلية لبنان ووصلت بيروت ..ثم قرر العالم ان المشكلة بالفلسطينين لذا يحب ان يخرجو ا من بيروت , فخرج فهمي مع اثنان من ابناءه منهم ناظم الى شمال لبنان وبقيت الام مع احد الاخوة والبنت الوحيدة في شاتيلا متمسكة بما بقي من الواح زنك ..وحسن عشرة ..وفي ليلة حمراء ..رقصت كل وحوش الدنيا على اجساد الشعب الفلسطيني بها تكالبت بها حقد اليهود ..على اجرام ما يسمى بالكتائب اللبنانية ..وقعت المجزرة ..وكان لعائلة فهمي منها نصيب ..فقتلت الام والولد والبنت ..ليقف الاب والابناء على الاطلال يبكون نصف العائلة ..في ظلام الغربة ..دون ان يتحقق حلم العودة ..انتقل بعددها فهمي وولديه الى سوريا حيث حطت به الأقدار في مخيم اليرموك بسوريا وهناك تحت جنح اللجوء تحت ألواح الزنك الباردة شتاءا حارة صيفا ومضت السنين ليتوفى الأب ويبحث الأخوين ناظم ابن فهمي وأخيه عن رحلة البحث عن الأقارب ،القارب والأهل يقبعون في فلسطين.... فلسطين الأرض والوطن وبرغم قربها إلا أنها ابعد بلاد الأرض صعبة المنال فالمحتل يجثم على قلبها يغتصبها صبح مساء أمام صمت العالم فكيف لأبناء فهمي ان يصلوا إلى فلسطين ويجتمعوا بأهلهم
أمام هذا الشتات وأمام هذا الواقع المؤلم ما كان أمامهم إلا التقرب إلى الوطن شيئا فشيئا فقرر الأخوان الرحيل إلى الأردن ولكن هيهات هيهات فلم يستطيعوا الدخول حيث الوثائق غير كافية والمعاملات ناقصة
فكان لا بد من رحلة التهريب إلى الأردن لعله يكون اقرب إلى الوطن وحركة الوطن هناك أسهل وبالفعل استطاع الإخوان من دخول الأردن واستقرا هناك وبعد طول مطاردة وبما توفر من وثائق استطاعا الحصول على إقامة في الأردن الأخ الأكبر استطاع دخول فلسطين في فترة حلاوة الاتفاقات وعز بهجتها كزائر وبقي هنا
اما ناظم وهو موضوع قصتنا فماذا يفعل بقي وحيدا ، استقر في اربد اعزبا غير متزوج ليس له أقارب من الدرجة الأولى يتنقل من غرفة إلى غرفة فاقد للعمل وبما انه لا يملك أسرة ولا يستطيع أن يملكها عاش حياة التشرد فغدا السجن مسكنا شبه دائم ولا غرابه إن إذا كان مرحومنا يتوق لدخول السجن لان السجن وجده ارحم من كل البشر ففيه يحاكي الجدران ،فتسمعه باهتمام دون نقاش يتخيل بكائها يتخيل أنها تحن عليه ...السجن يوفر له الطعام ويوفر له الاستقرار ويوفر له المؤوى ولكن تدخلات البشر صرعان ما تحرمه من هذه النعمة فيأتي الأمر بالإفراج ليكون كالصاعقة عليه يخرج إلى الفلاء.... ينظر إلى أعلى... إلى كل الجهات لا يجد أي صدر حنون ..لا يجد إلا عجلة الدنيا تدور تدوس من يقف أمامها لا رحمة ماذا يعمل لا مجال إلا العودة إلى السجن وكيف العودة ؟ الجواب عرفه مرحومنا وعرف فنون دخول السجن مع انه ما زال يجهل فنون عدم الخروج منه فأصبح السجن رحلة أسبوعية ...فتكونت بين السجان والسجين العلاقة المتينة هذا السجان القوي الشديد الغليظ أصبح صاحبا و أنيسا لناظم فقويت العلاقة بينهما حتى ان السجان أصبح يتوق للسجين وأصبحت النظارة ملتقى لهما يحنون لبعض فالسجان حياته ان يحرس النظارة والسجين حياته أن يبقى فيها ولذا اتفقا في المرة القادة أن يعملون على ترميم النظارة حيث سيقوم ناظم بطلاء الزنزانة لتعيش حياة أطول تدوم كمجمع للقاء ومنزل لا يريد لا السجين ولا السجان ان يهتلك بفعل عوامل الزمان فقدا أصبحت جزء منهم ويعيشون معها أكثر من أي الأماكن
إفراج : قالها بألم هذه المرة السجان حيث أصبح يعرف ثقلها على ناظم ولكن لا بد من الامتثال للقوانين هذه القوانين التي ظلمت ناظم والملاين من أمثال ناظم وأحالة حياته إلى تشرد ولجوء هذه القوانين التي لم تستطع أن تعيد الإنسان إلى بيته يحمل مفتاحه ينتظر أن تنتصر هذه القوانين ،هذه القوانين انتصرت على ناظم وأخرجته من النظارة ولكن مرة أخرى إلى المجهول خرج ناظم كالعادة لا يعرف أين يذهب وسار بغير هدى يفكر يحملق
يسير على غير هدى قطع الشوارع المزدحمة ...يبدو للناس انه يرى حركة السيارات والمشاة ولكن في الحقيقة كان خارج هذه الدنيا وفي إحدى الطرق قطع الطريق دون أن يلتفت فكان جزاءه أن داسته العجلات دون رحمة بعد أن داسته الدنيا من قبل ...نزل السائق لكنه جثة هامة ...نقله إلى المشفى.... لم يتأخر الطبيب انه متوفى إلى رحمة الله ..لم تنتهي القصة سال المشفى أين أهله ..؟لا أهل ..أين أقاربه...؟ لا أقارب....أين وثائقه..؟ لا وثائق
إذا من يكون .. لا احد يعرف ما الحل؟ ضعوه في ثلاجة الموتى سيفتقده أهله من اليوم إلى الغد ولكن لم يسال احد ...يا للعجب يغيب شابا عن أهله أكثر من يوم أو يومين أو ثلاثة ولا يسالون عنه... بلغ الأمر أكثر من أسبوع ولم يسال احد عنه أين الشرطة لا بد أن تبحث ... بدأت الشرطة بالبحث ومن حسن حظ مرحومنا أن الحادث وقع قرب مركز الشرطة الذي يداوم عليه أعلن مركز الشرطة عن جثة مجهولة لمن يفتقد أحدا يراجع هذا المركز للتعرف وبدأت الوفود ومع احد الوفود أتى سجاننا ليرافق احد الناس ليتعرفوا على الجثة المجهولة
ويا للصاعقة بدا هذا الضابط السجان بالبكاء الشديد استغرب الناس وموظفي الثلاجة من هذا البكاء
انه نظام ....ناظم من ناظم يا الله رحمك الله يا ناظم
من المسؤول.... من الجاني ... لو كان هذا الشاب قضى بعملية استشهادية أو كما يسمونها انتحارية لقامت الدنيا ولم تقعد فيم يبحث عن الذي جنده وقسم يبحث عن الأسباب التي جعلته ينتحر وقسم يخرج للإعلام يتباهى بإيقاف الشبكة وهكذا
أما ناظم فلا بواكي له ... هو الشعب الفلسطيني ....هو ملاين المحرومين ..هو ظلم القوانين ... فبم ينصفون ناظم ... وأمثال ناظم .. يا كبار الدول ويا سادتها